السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي

تواصل شركة إنفيديا (Nvidia) ترسيخ مكانتها كقوة محركة لثورة السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي، بعد أن أصبحت أول شركة في التاريخ تتجاوز قيمتها السوقية 5 تريليونات دولار، مدفوعة بالطلب المتزايد على معالجاتها المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة.

فقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 5٪ لتصل إلى 211 دولارًا للسهم، في وقتٍ يؤكد فيه الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ أن ما يشهده العالم ليس فقاعة استثمارية، بل تحول حقيقي يقوده الذكاء الاصطناعي.

نقطة التحول الكبرى: العملاء يدفعون مقابل الذكاء الاصطناعي

خلال المؤتمر الأول لتقنية وحدات معالجة الرسومات (GPU Technology Conference) الذي عقدته إنفيديا في واشنطن، شدد هوانغ على أن نماذج الذكاء الاصطناعي أصبحت اليوم متطورة لدرجة أن العملاء مستعدون لدفع مقابل استخدامها. ويرى أن هذه المرحلة تمثل نقطة تحول تاريخية في الصناعة، تبرر الاستثمارات الضخمة في مراكز حوسبة الذكاء الاصطناعي وتؤكد أن القيمة الحقيقية أصبحت في القدرة على بناء النماذج وتشغيلها بكفاءة. تصريحات هوانغ ساهمت في تهدئة مخاوف المستثمرين من احتمالية نشوء فقاعة في سوق الذكاء الاصطناعي، لتواصل أسهم إنفيديا صعودها إلى مستويات قياسية.

الرقاقات الجديدة تفتح عصرًا من العوائد غير المسبوقة

أعلن هوانغ أن أحدث رقاقات الشركة في طريقها لتحقيق مبيعات تصل إلى نصف تريليون دولار، مشيرًا إلى أن معالج Blackwell، وهو المنتج الرائد في مجال مسرّعات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب وحدة معالجة الرسومات Rubin، سيقودان موجة غير مسبوقة من المبيعات بحلول العام المقبل. هذه الابتكارات تعزز موقع إنفيديا كمزوّد رئيسي للبنية التحتية التي تقوم عليها تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي حول العالم.

شراكات عالمية عبر القطاعات

استعرض هوانغ في المؤتمر سلسلة الشراكات التي تعمل إنفيديا على تطويرها عبر مختلف القطاعات، بالتعاون مع شركات رائدة مثل Uber Technologies وPalantir Technologies وCrowdStrike Holdings، في إطار استراتيجية تهدف إلى ترسيخ وجود الشركة في قلب طفرة الذكاء الاصطناعي العالمية. كما كشفت إنفيديا عن نظام جديد يربط بين الحوسبة الكمومية وشرائح الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، ما يمهّد لعصر جديد من التكامل بين الذكاء الاصطناعي الكلاسيكي والكمومي.

تعاون بقيمة مليار دولار مع "دويتشه تليكوم"

تتوسع إنفيديا كذلك على المستوى الدولي عبر شراكات ضخمة، أبرزها مع Deutsche Telekom AG لإنشاء مركز بيانات بقيمة مليار يورو في ألمانيا، إلى جانب اتفاقية استثمار بقيمة مليار دولار مع شركة نوكيا. ومن المقرر أن يعلن هوانغ خلال زيارته المقبلة إلى كوريا الجنوبية عن شراكات جديدة مع Samsung Electronics وHyundai Motor Group، ما يؤكد الطابع العالمي لاستراتيجية الشركة.

وقال هوانغ أمام آلاف المشاركين في المؤتمر، الذي أقيم على بُعد بضعة مبانٍ من البيت الأبيض:

"لقد وصلنا إلى مرحلة إيجابية… إلى نقطة تحوّل حقيقية. وهذا أمر استثنائي للغاية".

الصين تثير القلق

أشاد جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا ، بالتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمواصلة الفوز في سباق التفوق العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى التعامل بحذر مع الصين نظرًا إلى العدد الكبير من مطوري البرمجيات هناك وتنامي قدراتها التكنولوجية بوتيرة سريعة. حتى الآن، تحظر الحكومة الأمريكية بيع رقائق إنفيديا الأكثر تطورًا إلى الصين، في حين تسعى السلطات الصينية إلى منع شركاتها المحلية من شراء وحدات معالجة الرسومات (GPU) الأقل قوة التي تسمح واشنطن بتصديرها.

وحذّر هوانغ من أن استمرار القيود المفروضة على بيع الرقائق المتقدمة إلى الصين قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور منافس صيني قوي في هذا المجال، ما قد يغيّر موازين القوى في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي. من خلال هذا الزخم التقني والاستثماري، تُثبت إنفيديا أنها القوة المحورية في السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي فهي شركة تجمع بين الابتكار في العتاد، والرؤية الاستراتيجية، والقدرة على بناء شراكات عالمية تعيد رسم ملامح الاقتصاد الرقمي في العقد المقبل.