powered by Fortec AG

عصر جديد من النقل

سيارات نيو كمنصات برمجية

2 مايو 2025 ، 8:00 صباحًا | ب.
تُوفر سيارة الصالون الكهربائية الفاخرة Nio ET7 مدى قيادة يصل إلى 580 كم.
© Pompam/stock.adobe.com

تشهد صناعة السيارات تحولاً جذريًا: فبعد أن لعبت البرمجيات دورًا ثانويًا لسنوات، أصبحت اليوم من أهم وأبرز التخصصات في تكنولوجيا السيارات. فهي تتيح مزيدًا من التكيف، والكفاءة، والجاهزية للمستقبل، مما يمهد الطريق لحقبة جديدة في تصنيع السيارات.

لم تعد السيارات الحديثة مجرد منتجات تُسلّم كما هي عند مغادرتها خط الإنتاج، بل أصبحت منصات قابلة للتحديث والتطوير المستمر. ومع ظهور مفهوم السيارات المعتمدة على البرمجيات (SDV) وأنظمة مساعدة السائق المتقدمة  (ADAS)، بات من الممكن التحكم في السيارة وتحديث وظائفها بالكامل عبر البرمجيات.

تقود شركة Nio، المُصنّع الصيني للسيارات الكهربائية الفاخرة، هذا التحول من خلال التركيز على التطوير المستمر من منظور المستخدم. وبفضل تقنيات الاستشعار المتقدمة، ومنصات الحوسبة عالية الأداء، والتحديثات اللاسلكية السلسة (OTA)، يمكن تحسين وظائف السيارة طوال دورة حياتها — بدءًا من تعزيز السلامة ووصولًا إلى تعديل استراتيجيات القيادة دون الحاجة لأي تدخل يدوي أو زيارة لمراكز الصيانة.

من الأجهزة إلى البرمجيات: نظام تحكم متطور في السيارة

في السابق، كانت السيارات تُعرّف من خلال مكوناتها الميكانيكية والإلكترونية. أما اليوم، فقد أصبحت البرمجيات هي العقل المدبّر لكل شيء. بدلاً من وحدات التحكم المنفصلة (ECUs) التي كانت مسؤولة عن مهام فردية، تتولى الآن منصات حوسبة مركزية ووحدات تحكم مناطقية إدارة الأنظمة بشكل متكامل ومتوازي.

تسمح تقنيات OTA بتحديثات مستمرة تشمل أنظمة المساعدة، إدارة الطاقة، وخوارزميات القيادة، ما يضمن بقاء السيارة ذكية وفعالة ومعاصرة. ولضمان مرونة حقيقية، تتطلب سيارات SDV بنية برمجية قابلة للتطوير تدعم كلاً من الأداء العالي والوظائف القابلة للتحديث، ما يتيح دمج ميزات جديدة بسهولة دون الحاجة إلى تغييرات مكلفة في العتاد.

التخصيص الإقليمي والمتطلبات المحددة

نظرًا لاختلاف القوانين والبنى التحتية من بلد لآخر، خاصة في أوروبا، لا بد من مواءمة وظائف القيادة الذاتية حسب السياق المحلي. بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلافات كبيرة بين احتياجات المستخدم والمتطلبات القانونية.

لهذا الغرض، تعتمد Nio على شبكة تطوير عالمية، ويؤدي مركز الابتكار في برلين ومركز تكنولوجيا القيادة الذكية في شونفيلد (برلين الكبرى) دورًا محوريًا. يعمل كلا المركزين على تطوير برمجيات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المستخدمين المحليين، كما يتم اختبارها في مضمار قيادة خاص لمحاكاة ظروف الحياة الواقعية. يقوم مركز تكنولوجيا القيادة الذكية بتطوير جميع الأنظمة الخاصة بالسيارات والتحقق من صلاحيتها مع التركيز بشكل خاص على الاحتياجات المحلية لمستخدمي  Nio .  ولديه مضمار اختبار خاص به في المبنى، حيث يتم اختبار الوظائف الجديدة في ظل ظروف الحياة الواقعية. يعمل مركز الابتكار كمنصة مركزية لتطوير البرمجيات وتوطينها واختبار البرمجيات مع التركيز على المتطلبات المحددة للسوق الأوروبية.

دمج المستشعرات: الأساس لرؤية بيئية دقيقة

تتطلب وظائف القيادة الذكية الحديثة إدراكًا دقيقًا للبيئة المحيطة. بدءاً من نظام التحذير من مغادرة حارة السير ومساعدات الكبح في حالات الطوارئ إلى وظائف القيادة شبه الآلية. وللوفاء بهذه المتطلبات، تعتمد Nio على مزيج من الكاميرات عالية الدقة وأنظمة الرادار ومستشعرات الليدار المدمجة بسلاسة في تصميم السيارة. كما يتم استخدام أجهزة استشعار بالموجات فوق الصوتية للمسافات القريبة.

يتم استخدام نظام الاستشعار الفائق Aquila لجمع البيانات ومعالجتها بشكل موثوق. ويحتوي الجهاز على 33 وحدة استشعار قوية، بما في ذلك ليدار 1550 نانومتر بمدى يصل إلى 500 متر ووضع التركيز الذي يسمح باكتشاف مناطق محددة بدقة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، هناك إحدى عشر كاميرا عالية الدقة (8 ميجا بكسل)، وخمسة رادارات موجات ملليمترية، واثني عشر جهاز استشعار بالموجات فوق الصوتية ووحدتين لتحديد المواقع عالية الدقة.

يتيح هذا الدمج رؤية شاملة بزاوية 360 درجة، وتقليل النقاط العمياء، والاستجابة السريعة للظروف المعقدة، سواء في الإضاءة أو الطقس. ويعمل نظام ADAS بمبدأ "المصادقة المزدوجة" لضمان دقة التفاعل، حيث يجب أن يؤكد مستشعران مختلفان نفس المعلومة قبل اتخاذ أي إجراء. تؤدي كل تقنية استشعار مهمة محددة: تلتقط الكاميرات التفاصيل البصرية، ويقيس الرادار سرعة الأشياء، ويقوم الليدار برسم خرائط المسافات والهياكل البيئية ثلاثية الأبعاد بدقة عالية. إذا فشلت الكاميرا، على سبيل المثال في حالة هطول أمطار غزيرة، يتولى الليدار والرادار مهمة الكشف معًا - وهو مفهوم مثبت تم تأكيده في اختبارات مستقلة، مثل اختبار الكبح في حالات الطوارئ مثل المطر.

معالجة البيانات: أداء فائق واستجابة فورية

تحتاج البيانات المتزايدة من المستشعرات إلى قدرة معالجة عالية، وهنا يأتي دور الحاسوب الفائق  Adam، المدعوم بأربعة معالجات Nvidia Drive Orin .  وتخطط Nio لاعتماد معالجات Shenji 5nm المطوّرة داخليًا، التي توفر أداءً يعادل أربعة شرائح  Nvidia، وتم تصميمها خصيصًا لتلبية احتياجات  SDV . يتم توزيع الحمل الحوسبي بذكاء حسب الحالة، لتخصيص الموارد حسب متطلبات القيادة — سواء في القيادة الديناميكية أو في وظائف  ADAS .

ويتم ضمان سرعة الاتصال بين المكونات عبر كابلات Ethernet عالية الأداء وبروتوكول TOX الخاص بـ Nio، الذي يقلل فقدان البيانات بنسبة تصل إلى 110٪ مقارنة بـ SomeIP، ما يؤدي إلى استجابة أسرع بنسبة تصل إلى 50٪ في أنظمة مثل الكبح الطارئ.

لذا فإن قرار تطوير شرائحنا الخاصة هو استجابة استراتيجية للتعقيد المتزايد في هياكل المركبات الحديثة: من أجل ضمان أعلى معايير السلامة والاتصال السلس - وخاصة فيما يتعلق بأنظمة مساعدة السائق المتقدمة - يجب تنسيق جميع مكونات المركبة بشكل مثالي مع بعضها البعض. هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق تجربة مستخدم شاملة وذكية وآمنة.

ومن خلال تصميم شريحة مُحسَّنة - على سبيل المثال باستخدام بنية كبيرة وصغيرة لشريحة القيادة الآلية الخاصة بالشركة - يتم توزيع الحمل الحوسبي بكفاءة أكبر. كما ستُسهم نماذج الذكاء الاصطناعي المحسّنة في تقليل عدد المستشعرات المطلوبة على المدى المتوسط، دون التأثير على جودة الأداء. بالإضافة إلى ذلك، يسمح مفهوم توزيع القدرة الحوسبية الديناميكي بتخصيص الموارد حسب سيناريو القيادة: فعند القيادة في النظام الرياضي، تُمنح وحدة الدفع أولوية في استهلاك الموارد، بينما في حال تفعيل "مساعد الطريق السريع"، تُمنح أنظمة المساعدة الذكية قدرة معالجة أكبر لدعم القيادة الآمنة.

ولضمان نقل البيانات بسرعة وكفاءة بين أجهزة الاستشعار، وحدات الحوسبة، وأنظمة القيادة، تعتمد Nio على كابلات Ethernet عالية الأداء، وبنية شبكة مبسطة، وبروتوكول اتصال خاص يُعرف بـ TOX، والذي تم تطويره داخليًا. يتميز هذا البروتوكول بخفض معدل فقدان الحزم بنسبة 110٪ مقارنة ببروتوكول SomeIP التقليدي، بهدف تقليل زمن الاستجابة في الأنظمة الحيوية مثل مساعد الكبح في حالات الطوارئ بنسبة تصل إلى 50٪.

المرونة والأمان عبر تحديثات  OTA

تتميز السيارات المعتمدة على البرمجيات بقدرتها على التطور المستمر طوال دورة حياتها. وفي شركة  Nio، يتحقق هذا التكيف الديناميكي من خلال نظام البرمجيات المركزي  Banyan، والذي يُعد بمثابة نظام موحّد يُدير جميع وظائف السيارة الذكية.

يعمل Banyan على دمج أكثر من 30 مستشعرًا عالي الأداء تشمل أنظمة مساعدة السائق، الملاحة، السلامة، التحكم في التوجيه، التنبؤ بالسرعة، والبطارية. وبفضل التحديثات المنتظمة للبرمجيات الثابتة عبر الهواء (FOTA)، تظل السيارة دائمًا محدثة بأحدث الوظائف والتحسينات، دون الحاجة إلى زيارات الصيانة التقليدية.

مع التوسع المتزايد في الاتصال الرقمي داخل السيارة، أصبح الأمن السيبراني ركيزة أساسية. تعتمد Nio على نموذج أمان متعدد الطبقات لحماية أنظمتها وبيانات مستخدميها.
يشمل هذا النموذج:

  • نفق تشفير مشابه لـ VPN لتأمين الاتصال بين السيارة والخادم.
  • نقل التحديثات البرمجية بشكل مشفر، لا يتم فك تشفيرها إلا داخل السيارة والتحقق منها باستخدام تجزئة رقمية (hash values).
  • نظام أمان قائم على مبدأ عدم الثقة يتكوّن من سبع طبقات مستقلة، يمنع استخدام المتصفحات أو خدمات البث كسطح هجوم محتمل.
  • جدران حماية، أنظمة كشف التسلل (IDS)، ومراجعات أمنية دورية تضمن مستوى أمان عاليًا.
  • سياسات خصوصية مرنة، تتيح للمستخدمين اختيار نوعية البيانات التي يودّون مشاركتها، سواء لأغراض الراحة، تحسين المنتج، أو تحليل الأعطال.

ومع تزايد دور الذكاء الاصطناعي في المركبات، تتخذ Nio خطوة استباقية:

بدلاً من إرسال البيانات الحساسة إلى خوادم سحابية خارجية، يتم معالجتها محليًا داخل السيارة، مما يقلل من الاعتماد على الاتصال الخارجي ويعزز الأمان والكفاءة.

Benjamin Steinmetz, Nio.
Benjamin Steinmetz, Nio.
© Nio