powered by Fortec AG

أعجوبة تقنيات (الاستشعار)

رادار 140 جيجاهرتز يعزز ذكاء السيارات وسلامتها

16 أبريل 2025 ، 10:00 صباحًا | أباا | الملم:
© Artofinnovation / stock.adobe.com

يُعد رادار 140 جيجاهرتز من التطورات الواعدة في أنظمة الرادار للمركبات ، حيث يكمل تقنيات الرادار الحالية بترددات 60 جيجا رتز و77 جيجا هرتز. وبفضل دقته العالية وتصميمه الصغير، فتح هذا الابتكار آفاقًا جديدة في مجال أنظمة الاستشعار – وكل ذلك بتكلفة أقل بكثير من تقنيات الليدار.

بعد مرور ما يقرب من 150 عاماً على انطلاق كارل بنز لأول مرة على الطريق بسيارته الأسطورية بنز والحاصلة على براءة اختراع السيارات، لا تزال السيارات أعجوبة تكنولوجية مزودة الآن بما يصل إلى مئات من أجهزة الاستشعار. هذه المستشعرات لا تراقب فقط أداء المحرك عبر وحدة التحكم الإلكترونية (ECM) – مثل تدفق الهواء وحقن الوقود وتوقيت الإشعال – بل تُستخدم أيضًا لتحسين الراحة والسلامة، من خلال تقنيات الكاميرات، الليدار، الرادار، والموجات فوق الصوتية (انظر الشكل 1).

Anbieter zum Thema

zu Matchmaker+

تلعب مستشعرات الصور، أي الكاميرات، دورًا بالغ الأهمية في صناعة السيارات، إذ تُعد امتدادًا بصريًا للعين البشرية. فهي تتعرّف على إشارات المرور، وتتيح وظائف مثل الرجوع للخلف والرؤية المحيطية، مما يسهل عمليات الركن والمناورة.

أما مستشعرات ليدار Lidar، فهي تُنتج خرائط دقيقة ثلاثية الأبعاد لمحيط السيارة، مما يعزز الإدراك المكاني وردود الفعل التلقائية. وتُعد ضرورية لتطبيقات مثل رصد المشاة، ومتابعة مناورات التجاوز المعقّدة، واكتشاف العوائق.

في المقابل، تُستخدم المستشعرات فوق الصوتية بشكل فعّال في السرعات المنخفضة وحالات القرب الشديد، حيث تُسهّل عملية ركن السيارة واكتشاف النقاط العمياء.

ومع ذلك، على الرغم من أن كل تقنية من هذه التقنيات تعمل على تحسين قدرات الاستشعار في السيارة، إلا أن لكل منها أيضاً نقاط ضعف. الكاميرات تتأثر بالإضاءة السيئة أو القوية، وتتطلب قدرة حوسبة عالية لمعالجة الصور. تعاني أنظمة الليدار من ضعف الأداء في الظروف المناخية الصعبة (مثل المطر أو الضباب)، وتكلفتها مرتفعة على مستوى الشراء والصيانة. أما الحساسات فوق الصوتية، ففعاليتها محدودة بالمسافات القصيرة فقط.

وهنا يأتي دور تقنية الرادار كحل ذكي وفعّال، حيث توفر ميزة الاستشعار الدقيق والبعيد المدى حتى في ظروف الطقس القاسية، وبتكلفة منخفضة مقارنةً بالليدار.

وقد أصبحت السيارات الحديثة مجهزة بالفعل بمستشعرات رادارية متعددة، وغالباً ما تعمل جنباً إلى جنب مع تقنية الكاميرا لدعم وظائف مساعدة السائق المتقدمة مثل نظام تثبيت السرعة التكيفي والتنبيه عند الاصطدام والتحذير من مغادرة المسار. ولكن الرادار أصبح أيضاً مثيراً للاهتمام بشكل متزايد بالنسبة إلى المستشعرات في داخل السيارة. فلم يعد دوره مقتصرًا خارج السيارة، بل يمتد أيضًا إلى الداخل حيث يُمكن استخدامه لمراقبة السائق أو لتحديد ما إذا كان هناك طفل أو حيوان أليف في الخلفحاى في حال كان مُغطى.

Bild 1. Beispielkonfiguration einer Kfz-Sensorsuite zur Unterstützung fortschrittlicher Fahrerassistenzsysteme.
(الشكل 1) مثال على تكوين مجموعة مستشعرات السيارة لدعم أنظمة مساعدة السائق المتقدمة.
© Imec

حتى يومنا هذا، تعمل أنظمة رادار السيارات في نطاقين رئيسيين:  60 جيجاهرتز لتطبيقات داخل المقصورة و 77 جيجاهرتز لتطبيقات القيادة والمراقبة الخارجية. قد يساعد هذا الفصل في الترددات على تقليل التداخل، إذ يمكن لأنظمة الرادار التي تعمل على نفس النطاق أن تعيق بعضها البعض.

ومع تطور التكنولوجيا الحديثة، تتجه صناعة السيارات الآن إلى استكشاف مميزات جديدة للنطاق 140 جيجاهرتز. هناك العديد من الأسباب لهذا الأمر من أبرزها أن تردد 60 جيجاهرتز يُستخدم أيضًا في شبكات WLAN  والاتصالات بين النقاط، ما قد يؤثر سلبًا على أداء تلك الرادارات في المركبات.

يوفر التردد 140 جيجاهرتز مزايا أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر:

دقة أعلى في الكشف، تتيح رصد الأجسام الصغيرة والتفريق بينها حتى في زوايا ومسافات مختلفة — مثل تمييز عدد الركاب في المقعد الخلفي.

هوائيات أصغر حجمًا مما  ينسجم مع الاتجاهات الحديثة في تصميم السيارات المدمجة والأنيقة.

بالإضافة إلى الحصول على إمكانات موسّعة تدعم حالات استخدام متقدمة مثل أنظمة الركن الذاتي ومراقبة السائق، وهي ميزات بات المستهلكون مستعدون لدفع مقابل إضافي للحصول عليها وهي مزايا يقدمها رادار140 جيجاهرتز (الشكل 2).

Bild 2. Vergleich der Auflösung von 79-GHz- und 140-GHz-Radar bei einer Reichweite von 30 m (mit einer Radaröffnung von 15 cm x 15 cm).
(الشكل 2) مقارنة بين دقة الرادار بتردد 79 جيجاهرتز و140 جيجاهرتز لمسافة 30 مترًا (بفتحة رادار 15 سم × 15 سم).
© Imec

الانتقال إلى السوق: تحديات الاعتماد التجاري

من المتوقع أن يبدأ تسويق حلول رادار 140 جيجاهرتز للمركبات ذات المحركات في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي. ورغم الإمكانيات الكبيرة التي توفرها هذه التقنية، إلا أن الانتقال إلى مرحلة الإنتاج التجاري لا يزال يواجه تحديات بارزة.

والجدير بالذكر هُنا، أن القيود التقنية  لا تتعلق بأشباه الموصلات. فخلافًا للترددات الأعلى التي تتطلب تقنيات مكلفة مثل فوسفيد الإنديوم (InP)، يمكن للرادارات بتردد 140 جيجاهرتز الاعتماد على تقنية CMOS القياسية. وهذا يفتح المجال أمام الصناعة بالاستفادة من تكامل أعلى على مستوى الشريحة (SoC)، والتصنيع باستخدام تقنيات النانومتر، بالإضافة إلى تحسين كفاءة الطاقة، وكل ذلك بتكلفة إنتاج منخفضة، وهو ما يُعد أساسيًا لاعتماد التكنولوجيا على نطاق واسع.

تكمن العقبة الحقيقية في الفيزياء؛ عند الانتقال من 77 أو 60 إلى 140 جيجاهرتز، تنخفض قدرة الإرسال، ما يعني أن مدى الرادار يصبح أقصر. ولتعويض ذلك، يجب توفير طاقة أعلى — وهو أمر يُعد تحديًا تقنيا صعبًا. يعتمد مستقبل دمج هذه الأنظمة على تطوير تقنيات نهايات أمامية جديدة، مثل تلك التي تعتمد على الأنظمة المتكاملة III-V مع CMOS، لضمان تحقيق مدى استشعار كافٍ مع الحفاظ على الكفاءة.

وتتفاقم التحديات عند دمج أنظمة الرادار في هيكل السيارة، حيث يحدث فقد كبير للإشارة. وحتى مع استخدام مواد شفافة مصممة لتمرير موجات الرادار، فإن الضياع الإشاري يزداد عند الترددات الأعلى، مما يفرض الحاجة إلى حلول جديدة تمتاز ليس فقط بالشفافية، بل أيضًا بالثبات والمتانة والمظهر الجمالي.

لماذا يعتبر التنظيم أمراً بالغ الأهمية لنجاح رادارات السيارات بتردد 140 جيجاهرتز

إلى جانب التحديات التقنية، يُعد غياب التنظيم الموحد للترددات أحد أبرز العوائق التي تقف في طريق التسويق التجاري لتقنية الرادار بتردد 140 جيجاهرتز في قطاع السيارات.

فاليوم، تختلف اللوائح المتعلقة بالنطاق الترددي الحالي (76 إلى 81 جيجاهرتز) من بلد إلى آخر، مما يعقّد عمليات إدخال أنظمة الرادار إلى الأسواق العالمية. هذا التفاوت يفرض على الشركات المصنّعة للسيارات تحديًا كبيرًا، إذ يتطلب بيع السيارات على نطاق عالمي وجود معايير موحدة. ومن هنا تبرز أهمية توحيد الترددات عالميًا لتفادي تكرار هذا التحدي مع تردد 140 جيجاهرتز.

ورغم أن لجان الخبراء بدأت بالفعل العمل على تطوير توصيات تنظيمية، خصوصًا في التطبيقات الداخلية للمركبات، يرى كاتب المقال "إيلجا أوكيت" أن هذه الجهود لا تسير بالسرعة المطلوبة:

"بينما تتقدم عملية الموافقة على استخدام تردد 140 جيجاهرتز في تطبيقات المركبات الداخلية، علينا أن نستغل هذه اللحظة لدفع عجلة التنظيم أيضًا نحو مستويات طاقة أعلى. ذلك من شأنه أن يفتح المجال أمام تطبيقات الرادار الخارجية، التي تعد ضرورية لتحسين السلامة على الطرق. مستقبل السيارات الذكية والمعقولة التكلفة يعتمد على هذه التقنية — ولكن، لكي يتحول هذا المستقبل إلى واقع، لا بد أن يواكبه إطار تنظيمي واضح وسريع."
 


 

Bild 3. Imecs 140-GHz-Radar-Demo-Plattform.
(الشكل 3) منصة عرض الرادار 140 جيجاهرتز التابعة لشركة Imec.
© Imec

أهمية البحث والتطوير: الركيزة الأساسية لرادار 140 جيجاهرتز بتقنية CMOS

رغم أن تقنيات الرادار بتردد 140 جيجاهرتز لم تدخل السوق التجاري بعد في قطاع السيارات، فإن كبرى شركات أشباه الموصلات مثل TSMC وGlobalFoundries تعمل بالفعل على تطويرها بجدية. وبالتوازي، تشهد جهود البحث العلمي تقدمًا ملحوظًا، خاصة في مجالات إدارة التداخل، معايير التكنولوجيا، ومبادئ تصميم الرادار الحديثة.

تعتبر إدارة التداخل خطوة استباقية لضمان الأداء؛ حيث يُعد تقليل التداخل في الإشارات من أهم وأبرز التحديات التي تواجه أنظمة الرادار المتقدمة  لذا، يركز الباحثون على توحيد أنظمة التعديل في نطاق 140 جيجاهرتز منذ البداية. تعتزم شركة Imec قيادة هذا المجال استنادًا إلى خبرتها السابقة في تطوير أنظمة الرادار بتردد 77 جيجاهرتز، لتعزيز الأداء وتجنب التداخل بين الأنظمة.

ويتمثل أحد المحاور الرئيسية الأخرى في التقييم والمعايرة المحايدة لمنصات تقنية أشباه الموصلات – مثل بنية FD-SOI بدقة 22 نانومتر وFinFET بدقة 16 نانومتر، وكلاهما مرشح قوي لتلبية متطلبات الأداء العالية لأنظمة الرادار. وتقود شركة Imec دورًا محوريًا في هذه التقييمات بفضل خبرتها في المقارنة الموضوعية بين منصات التكنولوجيا.

هناك اتجاهٌ آخر واعد يتمثل في تطوير أنظمة رادار مترابطة ومتماسكة. تقوم هذه الأنظمة بمزامنة عمل وحدات الرادار وتبادل البيانات فيما بينها بدلًا من العمل بشكل فردي، ما يؤدي إلى زيادة الدقة وتقليل الحجم والتكلفة. ويمكن أن يحقق هذا النهج دقة زاوية مماثلة لتلك التي توفرها أنظمة Lidar – مع تقليل التكاليف بشكل ملحوظ. وتستفيد شركة Imec مجددًا من خبرتها في تصميم الرادار المتطور للمساهمة في هذا المجال (انظر الشكل 3).

رادار 140 جيجاهرتز: بداية تحول جذري في تصميم السيارات

يفرض التحول نحو السيارات المعرفة بالبرمجيات إعادة تفكير شاملة في تصميم أنظمة السلامة الإلكترونية. لم يعد كافيًا إضافة بعض الأجهزة أو تحديث البرامج، بل بات مطلوبًا تصميم الأنظمة من البداية لتكون ذكية، موثوقة، ومتكاملة تمامًا.

في هذا السياق، تعتقد شركة Imec أن تطوير رادار 140 جيجاهرتز فرصة مثالية لاختبار نمط جديد كليًا من تقنيات الاستشعار. ويمكن دمجه مستقبلاً في وحدات الكاميرا أو حتى داخلها مباشرة، ما يعزز دمج الوظائف ويوفر مساحة ويقلل التكلفة.

حيث تفتح هذه التقنية آفاقًا جديدة لتجربة قيادة أكثر أمانًا وذكاءً، من خلال تحسين دقة أجهزة الاستشعار، وتمكين وظائف مثل الركن التلقائي ومراقبة السائق والركاب.

لكن نجاح هذه التقنية لا يتوقف على البحث والتطوير فحسب، بل يتطلب أيضًا تنظيمًا واضحًا للطيف الترددي لتسهيل تبنيها على نطاق واسع وضمان استدامتها في الأسواق العالمية.

المراقبة الداخلية: رادار 140 جيجاهرتز أم UWB

رغم أن تقنية النطاق العريض للغاية (UWB) – وهي تقنية لاسلكية قصيرة المدى تعمل عند تردد 8 جيجاهرتز – تُستخدم اليوم في ميزات راقية مثل الدخول الذكي بدون مفتاح، إلا أن قدراتها تتجاوز ذلك بكثير. إذ تتميز بدقة قياس عالية تجعلها مناسبة بشكل خاص لتطبيقات الاستشعار الداخلي في السيارات.

يكمن الفارق الجوهري بين رادار 140 جيجاهرتز وتقنية UWB في خصائص الإشارة التي يستخدمها كل منهما. فإشارة UWB، ذات الطول الموجي الأطول، تجعل من الصعب تحقيق تغطية متجانسة داخل المقصورة، وغالبًا ما تتطلب استخدام عدة محرّكات (أنكر). في المقابل، يتميز رادار 140 جيجاهرتز بتردد أعلى يتيح دقة ووضوحًا أعلى، ما يجعله خيارًا مثاليًا لتطبيقات المراقبة الدقيقة والمعقدة، باستخدام مستشعر واحد فقط.

أما الرادار 140 جيجاهرتز، فيستفيد من تردده العالي لتقديم صورة دقيقة وواضحة باستخدام مستشعر واحد فقط، ما يجعله مثالياً للتطبيقات التي تتطلب رصدًا دقيقًا لحركة الأشخاص أو الأجسام داخل السيارة.

هل أحدهما بديل للآخر؟

الإجابة باختصار: لا. وفقًا لمعهد الأبحاث  Imec، فإن التقنيتين تكملان بعضهما البعض ولن تحل إحداهما محل الأخرى في الوقت القريب. فلكل منهما ميزات خاصة:

UWB تتمتع بأفضلية تجارية مهمة، إذ إن الشركات المصنعة للمعدات الأصلية تألفها بالفعل، ويمكنها الاعتماد على البنية التحتية الحالية (مثل أنظمة الدخول الذكي) ، مما يجعل تكلفتها منخفضة نسبيًا.

أما رادار 140 جيجاهرتز، فيتفوق بدقته العالية، ويُعد الأنسب لتطبيقات مراقبة الركاب أو الأشياء بدقة زاوية ومسافة عالية – وهو أمر بالغ الأهمية في بعض السيناريوهات الحرجة داخل السيارة.

الاستشعار الذكي: التحدي القادم

حتى الآن، لا تزال السيارات بعيدة عن مرحلة الاكتفاء الكامل من أجهزة الاستشعار. التحدي الحقيقي يكمن في إضافة تقنيات استشعار جديدة دون رفع التكاليف بشكل مفرط. ولهذا، تواصل صناعة السيارات الاعتماد على أشباه الموصلات بتقنية CMOS لتصنيع مستشعرات رادار وUWB منخفضة التكلفة، وقابلة للإنتاج باستخدام عمليات تصنيع الرقائق القياسية.

 


 

Ilja Ocket, Imec.
Ilja Ocket, Imec.
© Imec

الكاتب

إيليا أوكيت

انضم إيليا أوكيت إلى معهد Imec  عام 1999 باحثًا في مجال رادارات الموجات المليمترية والاتصالات اللاسلكية، قبل أن يتولى لاحقًا إدارة برامج الرادار والاستشعار العصبي. ومنذ عام 2023، يشغل منصب رئيس قسم حلول السيارات في Imec، حيث يقود جهود الابتكار في تقنيات الاستشعار الذكية للمركبات.

اقرأ المزيد حول هذا الموضوع