powered by Fortec AG

مقياس ريشيلت لسلسلة التوريد

مرونة سلاسل التوريد بين ضغوط الأسعار والتفاؤل الحذر

7 أكتوبر 2025، الساعة 8:00 صباحًا | كارين زولكي
© WrightStudio/stock.adobe.com

يكشف تقرير Reichelt لسلاسل التوريد لعام 2025 عن قدرة متنامية للشركات على التكيف مع التقلبات العالمية، في حين تظل ضغوط الأسعار على المكونات والتحديات الجيوسياسية من أبرز العوائق.

التقرير، الذي أعدته مؤسسة OnePoll لصالح reichelt elektronik للعام الخامس على التوالي والذي شمل  مشاركة ما يقرب من 500 شركة صناعية ألمانية، يعكس صورة واقعية عن حالة سلاسل التوريد في عالم يشهد تغيرات متسارعة بفعل الرسوم الجمركية الجديدة والصراعات الجيوسياسية.

تفاؤل حذر وتحسن تدريجي

رغم استمرار التحديات، يكشف التقرير عن بوادر تفاؤل طفيف في عام 2025، حيث ما زال 83% من الشركات المشاركة تؤكد أن مشاكل سلاسل التوريد تؤثر على أعمالها، بينما يعاني ثلثها تقريبًا (32 في المائة) من تأثيرات شديدة. ومع ذلك، فإن عدد أيام التوقف الناتجة عن الاختناقات يتراجع عامًا بعد عام، إذ انخفض متوسط التوقف إلى 27 يومًا فقط هذا العام، مقارنة بـ 30 يومًا في 2024 و35 يومًا في 2021.

ويعكس هذا الانخفاض قدرة متنامية على التكيف وتحقيق قدر أكبر من مرونة سلاسل التوريد. فقد أصبح الحصول على المكونات أسهل مما كان عليه في السنوات الماضية، حيث تراجعت نسبة الشركات التي تجد صعوبة في الشراء من 44% في 2023 إلى 28% في 2024، ثم إلى 25% فقط في 2025، وهو ما يعني أن المؤشر قد انخفض إلى النصف تقريبًا خلال عامين. والأكثر لفتًا للنظر أن ما يقرب من نصف المشاركين (48%) يتوقعون تحسن الوضع خلال السنة المقبلة، مقارنة بـ 36% فقط في العام الماضي، وهو ما يعكس زيادة الثقة بقدرة السوق على استعادة توازنه.

القدرة على التكيف رغم الوضع الصعب

ورغم التحسن النسبي في بعض المؤشرات، تكشف الأرقام عن أن التحديات لا تزال قائمة فيما يتعلق بتوريد بعض المكونات. فقد أشار 44 في المائة من الشركات إلى استمرار الصعوبات في الحصول على أشباه الموصلات، بزيادة قدرها 14%عن العام الماضي، لتبقى على رأس قائمة المشكلات المرتبطة بمكونات التصنيع. وجاءت بعدها قطع الغيار بنسبة 39% مقارنة بـ 35% في العام السابق، ثم أجهزة الاستشعار التي ارتفعت من 34 إلى 37%. كما بات شراء البطاريات وتقنيات الشحن والقياس، إلى جانب مكونات الحاسوب مثل ذاكرة الوصول العشوائي والأقراص الصلبة وبطاقات الجرافيك، أكثر صعوبة بكثير مما كان عليه في العام الماضي.

وإلى جانب هذه الاختناقات، تبرز مشكلة ارتفاع الأسعار بوصفها التحدي الأكبر، حيث أكد 79% من الشركات أنها تعاني من زيادة التكاليف للمكونات الأساسية، مقابل 58% فقط في 2024. كما ارتفعت شكاوى الضغط التنافسي من الشركات الأرخص لتصل إلى 59% بعد أن كانت 49%، بينما ساهمت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في ألمانيا في زيادة الضغوط على 65% من الشركات. ومع ذلك، فإن تراجع عدد حالات توقف الإنتاج يعكس أن الشركات طورت خلال السنوات الأخيرة قدرًا معتبرًا من مرونة سلاسل التوريد. فقد اتجه أكثر من نصفها إلى تنويع مصادر التوريد، فيما يخطط آخرون للقيام بخطوات مماثلة، بينما لجأ نحو 46% إلى الموردين المحليين لتقليل الاعتماد على الخارج، كما عززت نسبة مماثلة من الشركات مستوى الأمن السيبراني في شبكات التوريد لحماية نفسها من الهجمات الرقمية وضمان استمرارية عملياتها وربحيتها.

الأتمتة: النجاح والتحديات

في سبيل تعزيز مرونة سلاسل التوريد، تواصل الشركات الألمانية ضخ استثمارات متزايدة في تقنيات الأتمتة، إذ أوضحت الدراسة أن 38% من هذه الشركات أنفقت خلال العام الماضي على حلول أتمتة خاصة بسلاسل التوريد، فيما تخطط 41% أخرى للقيام بخطوات مماثلة في العام المقبل، بينما قامت 43% بالفعل بتطوير الأنظمة القائمة لديها.

وتظهر نتائج الاستطلاع أن الأتمتة تتركز بالدرجة الأولى في إدارة المخزون بنسبة 62%، تليها معالجة الطلبات بنسبة 56%، ثم أنظمة الشفافية والتتبع مثل تتبع الشحنات بشكل مستمر بنسبة 47%. وعلى الجانب الآخر، لم تحظَ التقنيات الأكثر تقدمًا مثل سلاسل التوريد الذكية، التي تتيح التخطيط الاستباقي، بالانتشار نفسه، إذ لم تتجاوز نسبتها 32%.

ويعزى ذلك إلى مجموعة من التحديات التي تعيق التنفيذ، أبرزها الاعتماد على الشركات المصنعة الأخرى بنسبة 33%، وصعوبة دمج الحلول في الأنظمة الحالية بنسبة 31%، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الاستثمار التي تشكل عائقًا أمام 26% من الشركات، فضلًا عن المخاوف الأمنية التي ما زالت تؤثر على 24% منها.

ولا تقتصر الضغوط على التحديات التقنية فحسب، بل إن التطورات السياسية العالمية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل سلاسل التوريد. فالحرب المستمرة في أوكرانيا لا تزال تُعد العامل السلبي الأكبر من وجهة نظر 56% من المشاركين، في حين يرى ما يقرب من نصفهم أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة تمثل تهديدًا إضافيًا. أما التوترات التجارية المتزايدة بين الاتحاد الأوروبي والصين فتبدو أكثر خطورة، حيث عبّر 52% عن قلقهم منها. وأمام هذه الصورة المعقدة، أصبحت الشركات تراهن على تعزيز التماسك الأوروبي، إذ أقامت 43% منها شراكات جديدة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية مع شركات من شمال وغرب ووسط أوروبا، بينما يخطط 42% لتوسيع هذه العلاقات نحو شرق وجنوب القارة خلال العام المقبل. أما العلاقات مع بقية القارات فظلت محدودة نسبيًا، حيث لم تتجاوز نسبة الشراكات الجديدة في الولايات المتحدة 21%، بينما سجلت شرق وجنوب شرق آسيا نسبًا متقاربة بلغت 20 و23% فقط، وهو ما يؤكد أن التركيز الأكبر في المرحلة المقبلة سيكون على الداخل الأوروبي كخيار استراتيجي لتعزيز الاستقرار وتقليل المخاطر.

في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا

أما في شرق وجنوب شرق آسيا فقد بقيت الشراكات الجديدة محدودة نسبيًا، إذ لم تتجاوز نسبتها 20 إلى 23%، وهو ما يعكس تحوّل تركيز الشركات نحو الداخل الأوروبي. وبناءً على ذلك، برزت الرغبة السياسية الواضحة في تعزيز التماسك الأوروبي، حيث أعرب 55% من الشركات عن تطلعها لإزالة العقبات البيروقراطية داخل الاتحاد الأوروبي بما يسهم في تقوية السوق الداخلية. كما أبدت 47% تأييدها لبرامج الدعم الاقتصادي الحكومية باعتبارها أداة مهمة لتخفيف الضغوط. وتركز الاهتمام كذلك على فصل التبعية عن الأسواق العالمية في المكونات الحيوية، إذ أشار 44% إلى أهمية تقليل الاعتماد على أشباه الموصلات المستوردة، بينما شدد 41% على ضرورة توفير بدائل محلية للمواد الخام والعناصر الأرضية النادرة. هذه التوجهات تعكس إدراكًا متزايدًا بأن تعزيز مرونة سلاسل التوريد الأوروبية يتطلب بناء قدرات مستقلة تقلل من المخاطر وتحد من تقلبات السوق العالمية.

الخلاصة

وفي خلاصة التقرير، يؤكد كريستيان راينوالد، رئيس إدارة المنتجات والتسويق في reichelt elektronik، أن التغيير أصبح سمة العصر وأن الشركات التي تستثمر في الأتمتة وحلول سلاسل التوريد الذكية، وتتمسك بالمرونة والمثابرة، هي الأقدر على مواجهة التحديات. ويشير إلى أن ما يقرب من 59% من الشركات اليوم أكثر تفاؤلًا بشأن مستقبلها الاقتصادي مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس ثمار الجهود المبذولة لتعزيز مرونة سلاسل التوريد في مواجهة عالم مليء بالتقلبات.

Anbieter zum Thema

zu Matchmaker+