powered by Fortec AG

مثل Google Earth داخل الدماغ

خريطة دماغية ثلاثية الأبعاد لمحاربة الزهايمر

25 مارس 2025 ، 10:30 صباحًا | Ute Häußler
طوّر باحثون من جامعة فلوريدا أداة متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح تصفح الدماغ البشري ثلاثي الأبعاد بدقة غير مسبوقة – ما يشكّل خطوة ثورية في أبحاث الأمراض العصبية مثل الزهايمر.
© WFM / mit KI

التكبير والتصغير: طور باحثون في جامعة فلوريدا أداة ذكاء اصطناعي مبتكرة (MetaVision3D) تُنشئ خرائط ثلاثية الأبعاد عالية الدقة للدماغ، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم الأمراض العصبية التنكسية وتطوير علاجات أكثر دقة واستهدافًا.

طوّر باحثون من جامعة فلوريدا أداة متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُعرف باسم MetaVision3D، قادرة على إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد فائقة الدقة لأدمغة الفئران. تمثل هذه الأداة نقلة نوعية في أبحاث الأمراض العصبية التنكسية، وتعد بإتاحة رؤى جديدة تُسهم في تطوير علاجات موجّهة أكثر فعالية.

ورغم الجهود البحثية الكبيرة والاستثمارات الضخمة التي يبذلها آلاف العلماء حول العالم، لا تزال أمراض مثل الزهايمر وباركنسون بدون علاج شافٍ حتى اليوم. ومن هنا، تهدف أداة MetaVision3D إلى تمكين الباحثين من دراسة بنية الدماغ بعمق غير مسبوق، مما قد يدعم جهودهم في الوصول إلى حلول علاجية مبتكرة.

وقد طوّر الفريق بقيادة الدكتور رامون صن الأداة لتوفر تجربة تنقل داخل الدماغ شبيهة بتقنية Google Earth، تبدأ من عرض عام للدماغ وصولًا إلى التفاصيل الجزيئية الدقيقة. تنتج هذه التقنية خرائط ثلاثية الأبعاد عالية الوضوح تتيح تحليلًا معمقًا لتوزيع الجزيئات الحيوية المرتبطة بإنتاج الطاقة ووظائف الدماغ المعرفية.

تُتيح هذه الأداة، التي طورها فريق من الباحثين بقيادة الدكتور رامون صن، للأطباء والعلماء استكشاف الدماغ بطريقة تفاعلية تُشبه تجربة التنقل في Google Earth — بدءًا من العرض البانورامي على مستوى الدماغ ككل، ووصولًا إلى التفاصيل المجهرية الدقيقة. وتقوم هذه التقنية الرائدة بإنتاج خرائط ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لدماغ الفأر، مما يتيح تكبيرًا دقيقًا وتحليلاً معمقًا لتوزيع الجزيئات الحيوية المسؤولة عن إنتاج الطاقة ودعم الوظائف العصبية في الدماغ.

من ثنائية إلى ثلاثية الأبعاد: قفزة نوعية

يشبّه الدكتور رامون صن التحول من التصوير ثنائي الأبعاد إلى الخرائط ثلاثية الأبعاد للدماغ بالانتقال من الهاتف المحمول التقليدي إلى الهاتف الذكي. ولتحقيق هذا الإنجاز، قام فريقه بمسح 79 شريحة دماغية طبقة تلو الأخرى باستخدام جهاز تصوير متقدم، مما أتاح التعرف على جزيئات أساسية مثل الدهون والكربوهيدرات وتحليلها، وهي جزيئات بالغة الأهمية لوظائف الدماغ الحيوية.

بعد جمع البيانات، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لمحاذاة الصور ودمجها في نموذج ثلاثي الأبعاد شامل يمثل الأيض الكامل في الدماغ. ويتكوّن هذا الأيض من آلاف الجزيئات التي تمد الدماغ بالطاقة اللازمة لأداء وظائفه. وتُظهر أداة الذكاء الاصطناعي دقة عالية في التنظيم المكاني وتوزيع المستقلبات، حيث تبلغ دقة رسم الخرائط المكانية ما بين 95% و99%.

نحو فهم أعمق لآليات الزهايمر

يشكّل تطوير أداة MetaVision3D تقدمًا ملموسًا نحو فهم العلاقة بين عمليات الأيض العصبي ومرض الزهايمر. وكدليل على الإمكانيات، أنشأ الفريق أطلسًا تفاعليًا ثلاثي الأبعاد لكل من الأدمغة السليمة ونماذج الفئران المصابة بالزهايمر ومرض بومبي، وهو اضطراب استقلابي وراثي نادر.

"من خلال هذه المنهجية، أصبح بإمكاننا رسم خرائط لآلاف الجزيئات وتحديد مواقعها الدقيقة داخل كل منطقة دماغية – وهو إنجاز غير مسبوق."
— الدكتور رامون صن، مدير مركز أبحاث الجزيئات الحيوية المكانية المتقدمة، جامعة فلوريدا

قام الفريق بنشر قاعدة البيانات وخادم الويب الخاص بهما للعامة، مما يتيح للباحثين حول العالم فرصة استكشاف العلاقة بين الأيض والوظائف العقلية.

Medizintechnik Alzheimer Forschung Gehirn 3D Karte Google Earth
في الصورة: علماء الأعصاب من جامعة فلوريدا بقيادة الدكتور رامون صن (يسار) وطالب الدراسات العليا شين ما، خلال تطوير أداة الذكاء الاصطناعي  MetaVision3D والتي يمكنها إنشاء خريطة دماغية ثلاثية الأبعاد عالية الدقة.
© UF / Jackie Hart

نحو علاجات عصبية موجّهة بدقة

تُمهّد دقة الخرائط ثلاثية الأبعاد الطريق أمام علاجات موجهة تستهدف مناطق معينة من الدماغ دون التأثير على المناطق السليمة. وفي المستقبل، يُتوقع دمج أداة MetaVision3D مع تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي والتحليل الجيني لتطوير علاجات أكثر تخصيصًا وفعالية.

يمثل هذا الابتكار علامة فارقة في أبحاث الدماغ، وقد يفتح فصلاً جديدًا في تشخيص وعلاج الأمراض العصبية التنكسية من خلال نماذج جزيئية تفاعلية دقيقة وغير مسبوقة.