powered by Fortec AG

نتائج غير مرغوب فيها

هل الذكاء الاصطناعي يضعف قدرة الأطباء على التشخيص

2 سبتمبر 2025 ، 10:30 صباحًا | Ute Häußler
الأطباء الذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في إجراء منظار القولون يفقدون ما يصل إلى 20 في المائة من قدراتهم التشخيصية بعد بضعة أشهر فقط.
© Componeers / Canva

يساعد الذكاء الاصطناعي في الطب، لكن هناك دراسة بولندية تحذر من تأثير غير متوقع في التشخيص: بعد ثلاثة أشهر فقط من استخدام الذكاء الاصطناعي، تنخفض قدرة الأطباء على تشخيص السرطان بشكل مستقل وموثوق. و يتوقع الخبراء فقدان خطير للكفاءة.

يقال إن هناك أشخاصًا لم يعودوا قادرين أو راغبين في قيادة السيارة بدون نظام ملاحة (جوجل ماب). أي أنهم بدون مساعدة دليلهم الرقمي لن يتمكنوا من الوصول إلى وجهتهم بشكل مستقل أو على الأقل سيكون ذلك صعبًا للغاية. بنفس الطريقة يفقد الأطباء الكفاءة بسبب الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الأمراض فكما تُظهر الآلية المعروفة باسم ”تأثير خرائط جوجل“ الجانب السلبي لمساعداتنا التقنية اليومية - يواجه الأطباء خطر فقدان كفاءة التشخيص.

هل يقلل الذكاء الاصطناعي من كفاءة الأطباء التشخيصية

أثبت باحثون في بولندا وجود علاقة مماثلة بين استخدام الذكاء الاصطناعي وقدرات الأطباء على التشخيص: على الرغم من أن دمج الذكاء الاصطناعي في تشخيص السرطان يعتبر تقدمًا طبيًا كبيرًا، إلا أن له آثارًا جانبية غير متوقعة ومثيرة للقلق؛ فالاستخدام المطول والمستمر لأنظمة الذكاء الاصطناعي يقلل من قدرة الأطباء على اكتشاف السرطان أو المراحل الأولية المحتملة للسرطان بأنفسهم.

حللت دراسة نُشرت في المجلة العلمية المرموقة The Lancet Gastroenterology & Hepatology كفاءة أطباء التنظير الداخلي في تشخيص الأورام الحميدة قبل وبعد إدماج تقنيات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تنظير القولون. أظهرت النتائج أن معدل الكشف عن الأورام الحميدة – والذي يُعد مؤشرًا أساسيًا على القدرة على اكتشاف التغيرات المرضية في مراحل مبكرة – بلغ 28.4% قبل استخدام الذكاء الاصطناعي. غير أنّ هذا المعدل تراجع إلى 22.4% بعد ثلاثة أشهر فقط من الاعتماد المكثف على الدعم التقني، مما يعكس انخفاضًا يقارب 20% في جودة التشخيص الطبي عند غياب المساعدة التقنية.

فقدان المهارات المعرفية

يشير الباحثون إلى ما يُعرف بتأثير "فقدان المهارات"، حيث يؤدي الاعتماد المستمر على المساعدة التقنية إلى تراجع القدرات التشخيصية الذاتية لدى الأطباء. وبالمقارنة مع ما وُصف سابقًا بـ "تأثير خرائط جوجل" والاعتماد المفرط على الإرشادات الرقمية، أظهرت الأدلة أن الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي في الممارسة الطبية يرتبط بفقدان مهارات معرفية أساسية. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التأثير لا يقتصر على المبتدئين، إذ أظهرت نتائج الدراسة أن حتى أخصائيي التنظير الداخلي ذوي الخبرة تعرضوا لانخفاض ملحوظ في أدائهم التشخيصي. ويُعتقد أن حدّة هذا التأثير قد تكون أكبر لدى الأطباء ذو الخبرة السريرية الأقل.

لكن لا تزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة: يؤكد مؤلفو الدراسة أن هذه مجرد ملاحظة أولية وأن هناك حاجة إلى مزيد من البحث. على سبيل المثال، لم يتم توضيح الآثار طويلة المدى والتأثيرات في التخصصات الطبية الأخرى والتدابير المضادة المحتملة بشكل كافٍ.

تطور ينطوي على مخاطر كبيرة

ظاهرة فقدان المهارات ليست مقصورة على المجال الطبي، بل وُثّقت أيضًا في مهن أخرى مثل الهندسة والطيران، حيث يؤدي الاعتماد المفرط على التقنيات الحديثة إلى تراجع الكفاءات الشخصية والمهنية الأساسية. وفي الطب، يمثل هذا التطور تحديًا بالغ الخطورة: ففي حال تعطل أنظمة الدعم القائمة على الذكاء الاصطناعي أو عدم توفرها، ينبغي أن يحتفظ الأطباء بقدرتهم على إجراء تشخيصات دقيقة وموثوقة. ومن هذا المنطلق، يشدد الخبراء على ضرورة تكثيف التدريب السريري والتركيز على صقل المهارات التشخيصية اليدوية، لضمان استمرارية الكفاءة الطبية في ظل الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي.

وتؤكد نتائج الدراسة البولندية على أن هذه المخاطر ليست افتراضية فحسب، بل واقعية وتشكل جرس إنذار للقطاع الصحي. ففي ظل النقص المتزايد في الكوادر الطبية المتخصصة، والذي يجعل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي خيارًا شبه حتمي، يصبح الاستخدام المسؤول والمتوازن لهذه التقنية أمرًا بالغ الأهمية.

في الختام، ينبغي أن تُصاغ المبادئ التوجيهية الطبية، وبرامج التدريب، والروتينات السريرية اليومية بطريقة تضمن تكاملًا مثاليًا بين دور الإنسان والتقنيات الذكية. ويُعد هذا التعاون المتوازن شرطًا أساسيًا لتحقيق أفضل مصلحة للمريض وضمان مستوى ثابت ومستدام من جودة الرعاية الطبية.

Anbieter zum Thema

zu Matchmaker+