بحسب شركة جلوبال داتا، تُعد المحيطات والفضاء أماكن للتبريد الطبيعي، ومصادر للحصول على الطاقة المتجددة، كما يوفران مرونة تشغيلية أعلى، ما يجعلها مواقع واعدة لاحتضان مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المستهلكة للطاقة في المستقبل.
مع تزايد استهلاك الطاقة… البحث عن أماكن غير تقليدية
مع الارتفاع المتسارع لاحتياجات الطاقة الناتجة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، بدأت الأنظار تتجه نحو مواقع غير مألوفة لإنشاء مراكز البيانات: أعماق المحيطات والفضاء الخارجي. قد تلعب هذه المواقع دورًا محوريًا في تجاوز أزمة نقص الطاقة المتوقعة، إذ ترتفع أحمال الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة، مما قد يدفع استهلاك الطاقة إلى مستويات فلكية.
توضح شركة جلوبال داتا في تقريرها تحت عنوان: "نظرة معمقة إلى حدود مراكز البيانات المقبلة: المحيطات والفضاء" أن البنى التحتية البحرية والمدارية توفر فرصًا كبيرة.
وتقول مارتينا رافيني، محللة الاستخبارات الاستراتيجية في الشركة:
"المراكز العائمة وتحت الماء قابلة للتوسّع وفعّالة، لأنها تستخدم مياه البحر للتبريد وتعتمد على الطاقة المتجددة بالقرب من السواحل". كما تقلّل هذه المنشآت المعيارية من الاعتماد على المساحات الموجودة على سطح الأرض، والتي تفتقر لعنصر التبريد بالإضافة إلى تخفيض المخاطر المناخية.
مشاريع تجريبية بدأت بالفعل
أضافت رافيني: هناك بالفعل مشاريع تجريبية حول العالم تثبت جدوى هذه التقنية. ففي أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، تم اختبار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تحت الماء بقدرات تصل إلى ما يقارب مليون واط، مع كثافة عالية وتصميمات قوية وصلبة تجعلها مناسبة للعمل طويل الأمد.
مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي: توفير ما يقارب 30% إلى40% من الطاقة
شهد شهر يونيو 2025 إنجازًا مهمًا في الصين: حيث قامت شركة هايكلود الصينية بتشغيل أول مركز بيانات تجاري تحت الماء قبالة سواحل شنغهاي. من المتوقع أن يُغذّى بنسبة 97% من طاقة الرياح البحرية كما أنه يستخدم مياه البحر للتبريد. ومن الجدير بالذكر هنا أن هذا المركز سيصل في مرحلته الثانية إلى قدرة 24 ميغاواط. ويهدف لتحقيق معامل كفاءة طاقة أقل من 1.15 — وهو رقم أفضل بكثير من معظم المراكز الاعتيادية على سطح الأرض. اليوم، يستهلك التبريد في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التقليدية بين 40% و50% من إجمالي الطاقة، بينما ينخفض هذا الرقم إلى 10% فقط عند استخدام مياه البحر. وبشكل عام، يمكن لمراكز البيانات تحت الماء أن تستهلك طاقة أقل بنسبة 30% إلى 40% مقارنة بمثيلتها على سطح الأرض.
مراكز بيانات في الفضاء الخارجي… وعلى سطح القمر
تقول رافيني:
"مراكز البيانات الفضائية تذهب خطوة أبعد، حيث تستفيد من البرودة الشديدة في الفضاء ومن الطاقة الشمسية غير المحدودة لتشغيل الحوسبة عالية الأداء". مع انخفاض تكاليف الإطلاق، وظهور الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام، وتطور تقنيات الربط داخل المدار، وإمكانية اختيار مدارات مثالية - قد تصبح هذه المشاريع واقعية خلال السنوات القادمة.
وتضيف رافيني:
"المراكز المدارية أو القمرية الكاملة ما تزال في مرحلة تجريبية، لكنها تفتح مجالًا واسعًا للشراكات والتمويل والأبحاث".
الضغط يتزايد… والحلول غير التقليدية تقترب
يأتي هذا التوجه نتيجة الضغوط الكبيرة على مراكز البيانات التقليدية، إذ تدفع الزيادة الحادة في الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي قدرات الطاقة والتبريد حول العالم إلى حدودها القصوى. ولذلك يسعى المشغلون وبشكل عاجل إلى تحسين الكفاءة والبحث عن مواقع جديدة.
وقد تصبح أعماق المحيطات والمدار الفضائي؛ وإن كانت حلولًا غير تقليدية جزءًا مهمًا من البنية التحتية الرقمية العالمية خلال العقد القادم.