مناظرة: مستقبل الرعاية الصحية الرقمية حتى 2030

سؤال رئيسي للنقاش: كيف ستغيّر الأدوات الرقمية تقديم الرعاية الصحية خلال السنوات الخمس المقبلة بشكل ملموس؟ دار الحديث بين التفاؤل بقدرات الذكاء الاصطناعي وابتكارات التكنولوجيا الطبية، وبين الإقرار بأن وتيرة التحول الرقمي ما زالت بطيئة، مع التحذير من الوجه المظلم للرقمنة: الأمن السيبراني.

أكدت القمة المنعقدة بواسطة شركة كومبنيرز منذ بدايتها أن الإلكترونيات تلعب دورًا محوريًا في رقمنة قطاع الصحة وبالتالي في إعادة تشكيل تقنيات الطب. بداية من أجهزة الاستشعار والأقطاب الطبية إلى الأجهزة الطبية المتصلة والتطبيقات الصحية وأنظمة الذكاء الاصطناعي حتى سلسلة القيمة في علوم الحياة يمكن إعادة تصميمها بالكامل، يمكن رقمنة كل خطوة في رحلة المريض أو دعمها رقميًا.

الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، وأجهزة الاستشعار الكمية، وتشخيص المختبر عبر الهاتف المحمول، و «الخوارزميات بوصفة طبية»: بينما قدّم المتحدثون تقنيات وتطبيقات رائدة للممارسة السريرية، كشفت المناقشة الحوارية عن الجانب المتعثر في عملية التحول الرقمي: التحول الذي يسير بخطى بطيئة للغاية. لكن جلسة النقاش الرئيسية كشفت بوضوح بطء التحول الرقمي في النظام الصحي الألماني مقارنة بالتطورات التقنية.

ناقش كلٌّ من الدكتور ألكسندر بروست (رئيس الابتكار السريري في Siemens Healthineers) والدكتور ميشائيل شتوبه رئيس قسم الاستشعار الكمي في Fraunhofer IAF ) والدكتورة أغنيس موسيول المؤسِّسة المشاركة لشركة Pheal) وجوليان مولر (مسؤول منتج دعم القرار السريري في Roche Diagnostics) التحديات الراهنة أمام رقمنة قطاع الرعاية الصحية في ألمانيا — بدءًا من العقبات التقنية والمرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مرورًا بالبيروقراطية والتشريعات ومتطلبات الاعتماد، وصولًا إلى مشكلات تعويض تكاليف الأنظمة التقنية وحلول الذكاء الاصطناعي — كما عرضوا رؤىً أولية وحلولًا محتملة لمعالجة هذه التحديات.

البيروقراطية مقابل التفاؤل

عند طرح السؤال على المتحدثين حول الكيفية التي ستتغير بها الرعاية الصحية بفضل الأدوات الرقمية خلال السنوات الخمس القادمة، تباينت الآراء بشكل واضح. قال الدكتور ألكسندر بروست من شركة Siemens Healthineers:

»سنرى وجودًا أكبر بكثير للذكاء الاصطناعي مما يمكننا تخيله اليوم«

وأوضح أن الزيادة في عدد الحساسات والبيانات ستؤدي تلقائيًا إلى المزيد من التحليلات، ما يتيح للأطباء استخلاص الاتجاهات من البيانات بسهولة، لتصبح بذلك أداة مهمة لكلٍّ من أطباء الأشعة وأطباء الرعاية الأولية.

أما يوليان مولر والدكتورة أغنيس موسيول، فكانا أقل تفاؤلًا:

قال مولر من واقع خبرته في مجال المؤشرات الحيوية الرقمية:

وأضاف أن التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لن تنتشر على نطاق واسع في المدى القريب، بل ستظل تطبيقاتها محدودة إلى أن يتحقق اندماج أوسع للمستشفيات.

من جانبها وصفت مؤسسة الشركة الناشئة موسيول الوضع خلال السنوات الخمس القادمة بأنه »غير مبشر«، مشيرةً إلى أن ما يحدث حاليًا هو رقمنة للعمليات القائمة فقط، وأنه «ربما نحتاج إلى أزمة حقيقية أو صدمة كبيرة لإحداث تغيير جذري». وبرأيها، فإن ذلك قد يستغرق عشر سنوات أخرى على الأقل.

أما الدكتور ميشائيل شتوبه فيرى أن القيمة المضافة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في الممارسة الطبية اليومية باتت واضحة بالفعل، ويتوقع أن يشهد القطاع تحولات كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة. وأوضح أن حتى الميزانيات الصغيرة اليوم قادرة على تحقيق الكثير بفضل الذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن الوقت الحالي هو الأنسب. وأعرب عن أمله في أن تستفيد صناعة التكنولوجيا الطبية من هذا الزخم، معبرًا عن تفاؤل حذر مماثل لما أشار إليه الدكتور بروست.

الأمن السيبراني ضرورة لا خيار

إلى جانب الفرص والتحديات، هناك أيضًا مخاطر حقيقية: فقد أوضح المتحدث الختامي الأستاذ الدكتور ماتياس، في إشارة إلى الجانب المظلم من رقمنة القطاع الطبي، أن الصحة الرقمية هي "حلم أي قرصان إلكتروني"، وأن البيانات الصحية أكثر قيمة من بيانات بطاقات الائتمان – لأنها لا تملك تاريخ انتهاء صلاحية – بينما يظل الإنسان هو الحلقة الأضعف في سلسلة الأمان.

لقد لامست الكلمة الختامية وتراً حساسًا، إذ أكدت أن الأمن السيبراني – أي تأمين الأجهزة الطبية إلكترونيًا – يمثل الشرط الأساسي وغير القابل للتفاوض لتحقيق التحول الصحي الرقمي. فهو الركيزة التي تقوم عليها رقمنة رحلة المريض، وسير العمل السريري، وسلسلة القيمة الطبية بأكملها.

وبناءً على ذلك، سيُعد الأمن السيبراني أحد المحاور الرئيسية في الدورة الثانية من مؤتمر "Health Electronics Summit" عام 2026.

احفظوا التاريخ:
مؤتمر "Health Electronics Summit" – في 22 سبتمبر 2026
شتوتغارت، فندق Mövenpick Airport