powered by Fortec AG

القيادة الآلية المدارة

القيادة الذاتية المدعومة بالبنية التحتية تحت الاختبار

29 أكتوبر 2025، الساعة 1:30 ظهرًا | ايرينا هوبنر
أُجريت أول تجارب عملية لمشروع القيادة الآلية المُدارة باستخدام مركبات بحثية متطورة في ساحة توستمانبلاتز بمدينة براونشفايغ الألمانية.
© DLR

يثبت مشروع MAD Urban التابع للمركز الألماني للطيران والفضاء إمكانات القيادة الذاتية المدعومة بالبنية التحتية الذكية، حيث يتم التواصل بين المركبات والبيئة المحيطة بها في الوقت الحقيقي، بما يشمل إشارات المرور وأجهزة الاستشعار وأنظمة المراقبة.

تُعد القيادة الذاتية في حركة المرور الحضرية أحد أكبر التحديات التقنية في مجال التنقل الذكي. فعلى عكس القيادة على الطرق السريعة، تواجه المركبات في المدن مواقف أكثر تعقيدًا وتغيّرًا — مثل حركة المشاة والدراجات والمركبات المتقاطعة والإشارات المتعددة — وغالبًا ما تكون الرؤية محدودة بسبب المباني الكثيفة والعوائق البصرية. ولهذه الأسباب، تضطر أنظمة القيادة الذاتية الحالية إلى التحرك بسرعات منخفضة جدًا من أجل ضمان السلامة والاستجابة الفورية لأي طارئ. لكن هذا النهج يجعلها غير عملية في المدن المزدحمة، بل ويُظهرها أحيانًا مفرطة في الحذر والبطء، مما يحدّ من فائدتها الاقتصادية. في مواجهة هذه التحديات، طور المركز الألماني للطيران والفضاء (DLR) بالتعاون مع شركاء من مجالي البحث والصناعة، ضمن مشروع MAD Urban، نهجًا تكميليًا مبتكرًا تحت اسم " القيادة الآلية المُدارة " (Managed Automated Driving – MAD).

يشرح جوليان شيندلر، الباحث في المركز الألماني للطيران والفضاء (DLR) والمدير التقني لمشروع MAD Urban، آلية عمل النظام قائلاً:

»نقوم بجمع البيانات التي تلتقطها أجهزة الاستشعار المختلفة في البيئة المحيطة لإنشاء صورة شاملة لجميع المشاركين في حركة المرور — بما في ذلك الأجسام والعوائق التي قد تكون مخفية عن رؤية السيارة نفسها. وبهذه الطريقة، تستطيع السيارة ذاتية القيادة أن "ترى" أكثر، وتتفاعل بشكل أفضل مع المواقف المعقدة.«

ويضيف شيندلر أن هذا النهج يجعل القيادة الذاتية أكثر أمانًا وسرعة وكفاءة، مما يعزز جدواها الاقتصادية ويدفع نحو تسريع إدخالها إلى المدن. ولا يقتصر دور البيانات القادمة من البنية التحتية الرقمية على مساعدة المركبات فقط، بل يمكن مستقبلاً استخدامها لإدارة حركة المرور بأكملها بذكاء مثل تعديل توقيت إشارات المرور تلقائيًا بما يتناسب مع تدفق المركبات في الوقت الحقيقي، الأمر الذي سيجعل المدن أكثر انسيابية واستدامة في المستقبل القريب.

أول اختبار عملي ناجح

في منتصف سبتمبر، حقق فريق من المركز الألماني للطيران والفضاء (DLR) بالتعاون مع مركز أبحاث علوم الكمبيوتر (FZI) إنجازًا عالميًا بارزًا، إذ نفّذ أول اختبار عملي ناجح في العالم للقيادة الآلية المُدارة (MAD) ضمن حركة المرور العامة باستخدام مركبات بحثية مجهّزة خصيصًا. تمت التجربة في مدينة براونشفايغ، حيث جهّز الفريق تقاطعًا حضريًا بعمودين مزودين بمجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار وأجهزة الحوسبة المتقدمة. قامت هذه الأجهزة بتسجيل وتحليل حركة المرور بشكل متواصل، بما يتوافق مع قوانين حماية البيانات. فقد رصدت ملامح المركبات والمشاة والدراجات، إلى جانب العناصر الثابتة كإشارات المرور وممرات العبور، لتكوين صورة شاملة ومتكاملة للوضع المروري في الزمن الحقيقي.

وعند اقتراب المركبتين البحثيتين من التقاطع، تولّى الكمبيوتر الطرفي المتصل بالبنية التحتية إدارة القيادة، حيث حسب المسار الآمن للحركة وراقب تنفيذ المناورات بدقة متناهية. وبمجرد مغادرة المركبتين منطقة التقاطع، استعادت أنظمة القيادة الذاتية onboard control داخل السيارة السيطرة الكاملة على القيادة.

يشرح جوليان شيندلر، المدير التقني للمشروع، قائلاً:

»يمكن تصور نظام القيادة الآلية المُدارة تمامًا كطيار في مجال الطيران أو الملاحة البحرية — فهو يدعم القيادة الآمنة والفعالة في المواقف المعقدة، مما يرفع مستوى السلامة لجميع مستخدمي الطريق. «

أُجريت التجارب بالتعاون الوثيق مع مدينة براونشفايغ، واعتمدت أيضًا على البنية التحتية وأجهزة الاستشعار الموجودة مسبقًا في حقل الاختبار التابع للمركز الألماني للطيران والفضاء في ولاية نيدرساكسونيا، ما أتاح بيئة مثالية لاختبار التقنيات الجديدة بشكل واقعي وآمن.

ابتكارات وفرص تجارية جديدة في عالم القيادة الذاتية

في الوقت الراهن، لا توجد معايير ملزمة أو موحدة لتطبيقات وأنظمة مثل القيادة الآلية المُدارة (MAD)، غير أن الخبراء يتفقون على أن التوافقية ستكون عنصرًا حاسمًا في مستقبل هذه التقنية؛ أي ضمان قدرة الأنظمة المختلفة في المركبات والبنية التحتية على العمل بانسجام وتكامل تام. من شأن هذا النهج أن يتيح في المستقبل مرونة أكبر في توزيع مهام الأتمتة بين السيارة والبنية التحتية، تبعًا للموقع أو الحالة المرورية أو نوع الاستخدام.

على سبيل المثال، يمكن إنشاء خطوط حافلات تعمل بالكامل بتقنية القيادة الالية المدارة، بحيث تكون البنية التحتية هي التي تتولى إدارة القيادة الذاتية، ما يُغني عن تزويد كل مركبة بتقنيات باهظة الثمن. وهذا يعني أن القيادة الآلية المُدارة لا تُمثل فقط تقدمًا تقنيًا، بل أيضًا ميزة اقتصادية؛ إذ يمكنها تقليل التكاليف التشغيلية وتسريع اعتماد النقل الذكي على نطاق أوسع. كما يفتح هذا المفهوم الباب أمام نماذج أعمال مبتكرة، مثل تقديم بيانات البنية التحتية كخدمة رقمية ،بحيث يمكن للشركات والمطورين استخدام هذه البيانات في تطبيقات الملاحة، وأنظمة النقل الذكية، وخدمات المدن الذكية.

اقرأ المزيد حول هذا الموضوع